الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر لـ«الشرق الأوسط»: غياب والدي سيزيد من عبء الدولة والمواطن

الرئيسية  /  مقابلات صحفية

الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر لـ«الشرق الأوسط»:  غياب والدي سيزيد من عبء الدولة والمواطن
الساعة : 01:45
19 يناير 2008

  قال إن على الحوثي ومن يناصره أن يعوا أنهم مواطنون يمنيون وعليهم الالتزام بقوانين الجمهورية 

صنعاء: حسين الجرباني - السبـت 9 محـرم 1429 هـ 19 يناير 2008 العدد 10644


دعا القيادي البارز في حزب الإصلاح اليمني الشيخ حميد بن عبد الله بن حسين الأحمر إلى إيقاف الحرب في بعض المناطق من محافظة صعدة، مشددا على ضرورة أن يلتزم الحوثيون بالدستور والقوانين اليمنية باعتبارهم مواطنين في هذه الجمهورية. وقال في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في منزله بصنعاء إن على اليمن أن يكون ظهيرا لدول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقابل على دول مجلس التعاون مساندة اليمن في الأمور الاقتصادية.

وتناول الشيخ حميد الأحمر في حديثه مع «الشرق الأوسط» رحلة والده الشيخ المرحوم عبد الله بن حسين الأحمر والعديد من القضايا الوطنية والإقليمية وهنا نص الحوار:

* ماذا بعد وفاة الراحل الكبير الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالنسبة لليمن؟ ـ اليمن افتقد عمودا من أعمدته الأساسية صاغ الحياة السياسية والاجتماعية والعامة خلال نصف القرن الماضي... وكان أبا لكل اليمنيين كما وصفه الأديب والشاعر اليمني إبراهيم الحضراني بأبي الأسرة اليمنية وهذا يستوعبه الناس. لا ريب إن غيابه سيزيد من عبء الدولة والمواطن خاصة في هذه الفترة. والحكمة تدعو من بأيديهم القرار أن يحاولوا سد هذا الفراغ بالتعقل في الفترات المقبلة.

* ماذا عن الفراغ الذي تركه في حزب التجمع اليمني للإصلاح؟ ـ الشيخ عبد الله كان على رأس التجمع اليمني للإصلاح منذ الإعلان عن تشكيله وتكوينه في 13 سبتمبر (أيلول) عام 1990. وكان اقرب مشايخ اليمن وقاداته السياسيين للحركة الإسلامية، ومنذ بداية الثورة وعلاقته بالشهيد الزبيري معروفة وهو قريب منهم وهم قريبون منه. الشيخ عبد الله ترك وراءه تنظيما قويا وهو التجمع اليمني للإصلاح قياداته متماسكة في داخل حزب الإصلاح. كما بنى علاقات واسعة مع أحزاب اللقاء المشترك ومع كل فئات المجتمع وتاريخ قوي من العلاقات مع الدولة بغض النظر أنها تسير في مد وجزر لوجود الإصلاح في مربع المعارضة إلا أنها في النهاية تاريخ من العلاقات مع الجميع علاقات مع المحيط الإقليمي بشكل طيب ومتميز.

* اليمن يمر بأزمة الأحزاب السياسية ففي مثل هذه الظروف كنتم في حرب صيف 94 إلى جانب المؤتمر الشعبي العام وراهنا أنتم حزب الإصلاح في خندق واحد مع الحزب الاشتراكي ماذا يعني ذلك ؟ ـ مصلحة اليمن كانت تقتضي أن يقف التجمع اليمني للإصلاح إلى جانب المؤتمر الشعبي العام في حرب صيف 1994. وكان ذلك وقوفا مبدئيا للدفاع عن الوحدة بعد أن أعلن البعض من قيادات الحزب الاشتراكي مشروعا انفصاليا بغض النظر عن دوافع ذلك الانفصال ما إذا مختارين أم مخيرين.

اليوم يقف الإصلاح في خندق مع الحزب الاشتراكي اليمني وبقية أحزاب اللقاء المشترك للدفاع عن الثورة والوحدة وعن حقوق المواطنين في ظل نهج ارتضته هذه الاحزاب وهو النضال السلمي. وهذا أمر بديل وبعيد عن الانقلابات فتحصل معاكسات لهذا النهج من السلطة ولمثل هذا الحراك السياسي في حدود تجربة اللقاء المشترك للمعارضة بما تمثله من تجمع لأطياف اللون السياسي من اليمين واليسار في ظل مظلة واحدة وهذا دليل وعي في أن اليمنيين قد قطعوا شوطا في الأداء السياسي سبقوا به غيرهم.

* الجمعيات التي قادت الاحتجاجات في بعض المحافظات الجنوبية البعض منها من أحزاب اللقاء المشترك ورافق تلك الفعاليات عنف وصدامات مع الأمن. ألا يعتبر ذلك خروجا عن الإطار السلمي؟

ـ في اعتقادي أن مواجهات المظاهرات السلمية بالسلاح من قبل بعض أفراد الأمن أمر مستهجن وفي ظني أن قيادة البلاد لا ترضى به. وربما أحيانا تكون هذه التصرفات فردية يقوم بها الأفراد لضعف الوعي والتأهيل لديهم، وهنا أدعو الدولة إلى حسن التأهيل للجندي الذي يكون في مواجهة مباشرة مع المواطنين حتى لا يحرج الدولة ولا يؤدي الصدام إلى زيادة رقعة الخلاف بين المواطنين وبين الدولة.

وبالتالي لا توجد مصلحة لتوجيهات باستخدام القوة ضد المواطنين لأن هذا الأسلوب ليس في مصلحة الدولة إنما يجب أن نعرف أن هذا الجندي يده سلاح إذا لم نحسن تأهيله فقد يسيء التصرف. ولا ألوم الجندي بل ألوم قياداته لأنها التي زجت به إلى الميدان بدون أن يؤهل.

وفي هذا السياق أدعو اخواننا الذين ينظمون الحراك الاجتماعي وفقا للدستور إلى تجنب الصدام مع أي كان وبالتالي على السلطة أن تتمثل ما عليها من واجبات في السماح للمواطنين بالتعبير عن مطالبه وفقا للدستور والقانون ولا ضير في أن يخرج المواطن للتعبير عن المطالب المعقولة.

* ماذا عن التسامح والتصالح في المحافظات الجنوبية؟ ـ ما يحدث من تسامح وتصالح في المحافظات الجنوبية أمر طيب وأنا احيي الرئيس علي ناصر محمد والأخ الأستاذ علي سالم البيض لتزعمهما لحركة التسامح والتصالح وهذا ما نسمعه من أن علي ناصر وعلي البيض وراء ومن معهم من القيادات السابقة. فاحداث يناير 86 كانت أحداثا دامية أوجعت اليمنيين عند حدوثها وان يستطيع إخواننا الذين كانوا أطرافا في تلك الأحداث أن يتجاوزوها، هذا الأمر في غاية الروعة.

* ألا يعد هذا ترحيبا بعودة علي ناصر والبيض والعطاس من قبل حزب الإصلاح؟ ـ الرئيس علي عبد الله صالح دعاهم للعودة إلى اليمن. أما بالنسبة للرئيس علي ناصر فلا يوجد مانع من رجوعه إلى اليمن وكذلك الأخ علي سالم البيض والمهندس حيدر أبو بكر العطاس. ولا نعلم صحة ما يتم تداوله من معلومات حول توجيه رئاسي يجري بموجبه تأهيل وترميم منزلي علي البيض وحيدر العطاس وإذا كان هذا صحيحا فهذا مؤشر طيب نرحب به. وفي اعتقادي إذا كان هناك من عودة للبيض والعطاس فلن يحدث هذا الأمر إلا وفقا لآلية ترمي إلى إزالة الاحتقانات الراهنة، وقد تكون العودة مؤشرا لاتفاق بين أحزاب اللقاء المشترك وبين الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام في حل الخلافات القائمة حول آلية الانتخابات ونزاهتها وضمان التبادل السلمي للسلطة.

* هل تعتقدون أن البيض والعطاس وعلي ناصر سيعودون إلى السلطة أم قيادات حزبية؟ ـ البيض والعطاس والرئيس علي ناصر زعامات في تنظيمات حزبية. وفي اعتقادي أن لهم وضعا خاصا في هذه الظروف التي تمر بها بعض المناطق في المحافظات الجنوبية ولن يعودوا إلا لمواصلة مهمة بدأوها. وكما اعتقد أن عودتهم مؤشر إلى قرب اتفاق التنظيمات والأحزاب السياسية الممثلة في أحزاب اللقاء المشترك وقيادات الخارج ممثلة بالاخوة علي ناصر وعلي البيض وحيدر العطاس وبين السلطة من جهة أخرى على أساس الوصول إلى صيغة مرضية لضمان انتخابات نزيهة حرة ونزيهة واحترام الجميع للدستور والقانون، وهذا الأمر هو ما يريده اليمنيون.

* حرب صعدة نزف مستمر في الأرواح والأموال ما هي السبل للخروج في نظركم منها؟ ـ الحرب في بعض هذه المحافظات تحتاج إلى الصدق وصدق كبير ووعي. يجب العمل من اجل حقن دماء اليمنيين في هذه المشكلة واعتباره المهمة الأولى. ويجب على الدولة أن تكون راعية لجميع أبناء اليمن وأن تتمثل الدستور والقانون في كل ما تقوم به. كما إن على الحوثي ومن يناصره أن يعوا إنهم مواطنون للجمهورية اليمنية وعليهم الالتزام بقوانين اليمن وإذا كانت هناك أفكار مناهضة أو متعارضة مع الدستور فعليهم التخلي عنها وأنا لا أجزم بوجود مثل هذه الأفكار. ومن واجب الحوثي وأتباعه ألا يدخلوا في صراع مع الدولة لأنهم في النهاية يدفعون ثمنا باهظا في هذا الصراع. كما لا يجوز للدولة قتل الحوثيين ولا يجوز لهم سفك دماء الأفراد من القوات المسلحة والأمن. أما إذا وجدت علائق خارجية في هذا الصراع فهذه مصيبة وعلى الناس العقلاء في هذا البلد العمل بصدق وصدق كبير على حقن الدم اليمني وأن يثبتوا من خلال الجهود الصادقة أن الولاء لله وللوطن وللجمهورية اليمنية ممثلا بدستورها وبقوانينها فلا يوجد مبرر لاستمرار الاقتتال إلا أن توجد خيوط خارجية فهو أمر مقلق.

* كانت للشيخ عبد الله علاقات خاصة بقيادة المملكة العربية السعودية فهل ستسيرون على هذا النهج مستقبلا ؟ ـ في الحقيقة ربطت الوالد الشيخ بأشقائه وإخوانه في المملكة العربية السعودية وبالأسرة المالكة الكريمة علاقات طيبة توطدت مع الأيام وأثبت سير هذه العلاقات باستخدامها في خير اليمن والمملكة العربية السعودية وخير شعبي البلدين، فكان الوالد الشيخ عبد الله جسر التواصل لخير البلدين، وحظي باحترام واسع من أشقائه وإخوانه في قيادة المملكة العربية السعودية.

نحن نعتز بمواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبالعلاقات الخاصة بين والدنا وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله فكان بالنسبة لهم أخا يبادلهم المودة والإخاء ويجلونه ويقدرونه.

وقد حملنا مسؤولية الحفاظ على هذه المودة وقد زرنا الوالد الأمير سلطان بن عبد العزيز بعد الوفاة مباشرة وأكدنا لسموه بأننا سنظل محافظين على علاقات الود مستخدمين لها في خير السعودية واليمن ما استطعنا بإذن الله، ونعتبر البر بهم هو بر بوالدنا فقيادة المملكة فيها خير لبلدها وللبلدان المجاورة. أما بالنسبة لإخوانهم في اليمن فهم أقرب الناس إليهم وإذا ما أتيح لنا من دور فلن نكون إلا معظمين لهذا الخير لأبناء اليمن مساندين لدور إيجابي لليمن بالنسبة للمملكة العربية السعودية.

* باعتبار اليمن الظهير لدول مجلس التعاون الخليجي، ما هي نظرتك للعلاقات مع الدول الخليجية؟

ـ اليمن يجب أن يكون ظهيرا لدول مجلس التعاون الخليجي وهو موقع اليمن الطبيعي وعلينا في اليمن أن نسعى لتسهيل أن يقبل بنا إخواننا في دول مجلس التعاون من خلال استكمال البناء المؤسسي لبلادنا وإظهار الدولة اليمنية بمظهر الدولة الناضجة القادرة على أن تكون جزءا من كيان كبير.

وبالمقابل على إخواننا في دول مجلس التعاون مساندة اليمن في الأمور الاقتصادية، وعلينا أن نوقف الفساد المالي والإداري حتى إذا ما صبت جهود داخل الساحة اليمنية تثمر في تطوير اليمن.

وفي ما يتعلق بإيران فإن مشاركة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في القمة الخليجية الأخيرة مؤشر إيجابي وعلى المسلمين أن يعوا أن أوضاعهم لا تتحمل الاختلاف بين الخليج وإيران أو بين سورية ولبنان وأن يعوا بأن المسلمين أصبحوا أضحوكة العالم. وإذا كانت هناك ساحة لأية قوة في العالم لاستعراض القوة فهي ساحة المسلمين، فمن العيب استمرار خلافاتنا مع بعضنا البعض وإذا وجدت اختلافات في وجهات النظر أو في بعض المرجعيات الفكرية فلا ترقى إلى أن تضع بيننا الحدود فنتعامل مع بعضنا البعض كأعداء.

نحن اليوم الأمة الأكثر تخلفا بسبب خلافاتنا وأوضاعنا في أقطارنا المختلفة أوضاع هزيلة بسبب الصراعات داخل كل مجتمع بين الحاكم والمحكوم في غالبيتها إلا من العدد القليل من الدول الإسلامية الذي نأمل أن يتقوى هذا العدد من الدول الإسلامية فتكون أمثلة. فانا مع تقارب واع ناضج بين مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية وبين إيران يجنب المنطقة أية مؤامرات خارجية لنستطيع أن نبني منطقتنا ونرقع من شأن الإسلام.

* ماذا بشأن ما يجري على الساحة الفلسطينية من صراع فضلا عما يحدث في لبنان من تصارع؟ ـ حماس مستهدفة وتمثل المقاومة الحقيقية في فلسطين بعد أن ارتضى بعض القيادات في منظمات أخرى أن يطبلوا للسلام بدون أن يلمسوا ما الذي كسبوه أو الذي خسروه على المستوى الفلسطيني في ما يتعلق بالقدس والأقصى والمقدسات الإسلامية التي هي ملك لجميع المسلمين التي لا يحق لأحد أن يتنازل عنها. فحماس هي التي تدفع من دماء أبنائها الثمن الكبير ثم إن على الرئيس أبومازن أن يكون أبا للأسرة الفلسطينية في حل الصراع الدائر بين فتح وحماس.

ويتعين على المسلمين مساندة إخوانهم الفلسطينيين لجمع الأطراف الفلسطينية كي ينهوا ما بينهم من صراع، كما إن على قيادة حماس أن تقوم بجهد مضاعف في إصلاح الشأن الفلسطيني. أما ما يتعلق بلبنان فالوضع مأساوي ولبنان دولة مهمة في المنطقة العربية لأن فيها حراكا سياسيا وإعلاميا وثقافيا واقتصاديا كبيرا ولها علائقها القوية والممتدة والعميقة مع معظم الدول العربية وبخاصة الدول ذات الأهمية وصراعاتها اليوم ترتبط في النهاية بأهم قضايا المسلمين وهي القضية الفلسطينية لأن الأطراف ليست بعيدة واللبنانيون ليسوا في حاجة إلى أن يتصارعوا بعد أن ذاقوا مرارة الصراع لسنوات طويلة شردت الكثير من اللبنانيين عن بلادهم وضيعت جهود البناء لفترات طويلة وقد قيض الله لهم المرحوم رفيق الحريري.

ولست بصدد اتهام هذه الجهة أو تلك بدم الحريري إنما الحكمة ألا يستغل دم الحريري في مزيد من التفريق بين اللبنانيين وهذا لا يعني ضياع الحق ولكن هل يدخل اللبنانيون في مزيد من الفراغ الرئاسي. ولكن سورية دولة مهمة ودولة مواجهة مع إسرائيل، وسورية لها علاقة خاصة بلبنان والذين يدعون إلى فصل العلاقة السورية الفلسطينية اللبنانية لديهم أجندات خاصة، وفي نفس الوقت لبنان دولة مستقلة وفيها رجال والذين يدعون إلى أن يبقى لبنان عبارة عن خلية من الخلايا التي تتخذ كل قراراتها من دولة شقيقة أخرى أمر بعيد عن الحكمة.