يشكل باب اليمن معلما تاريخيا وأثريا وسياحيا يربض على صدر مدينة صنعاء القديمة بعمر يتجاوز الألف عام.
ويعد الباب المدخل الرئيس للمدينة من الجهة الجنوبية إذ أنه المدخل الوحيد المتبقي بكامله من بين أربعة أبواب أخرى عُرفت في السابق كمداخل لمدينة صنعاء القديمة وهي باب شعوب وباب السبح وباب سترات إلى جانب بابين آخرين أضيفا في فترة لاحقة وهما بابا خزيمة والشقاريف.
وبقي باب اليمن شاهدا على جملة من الأحداث التاريخية والسياسية حيث دخلت من خلاله جيوش الغزاة ومن خلاله أيضا انطلقت جيوش الفاتحين.
وكان باب اليمن والأبواب الأخرى تغلق بحلول المساء ولا تفتح إلا بعد صلاة الفجر حتى عهد قريب، الأمر الذي كان يعرض من يتأخر عن المدينة في الحقول والمزارع إلى المبيت خارج منزله.
وباب اليمن بطابعة المعماري والهندسي الفريد هو جزء من سور صنعاء القديمة يزينه من الناحية الجنوبية سور يمتد بطول 6200 متر وارتفاع ثمانية أمتار ويلف المدينة بشكل متعرج ويأخذ شكل الرقم ثمانية باللغة الإنجليزية.
وتشير الروايات التاريخية إلى أن سور صنعاء القديمة وجد في عهد الدولة اليعفرية (439هـ - 532هـ), فيما تتحدث مصادر أخرى أن عملية بنائه جرت في عهد الدولة الصليحية في القرنين الخامس والسادس الهجري وأن سلاطين الدولة الأيوبية قاموا بتكملته عقب سيطرتهم على اليمن سنة 569هـ.
ولا يعرف على وجه الدقة وحتى الآن سبب تسمية هذا الباب بباب اليمن، لكن الراجح أن ذلك يعود إلى كونه المنفذ الجنوبي لصنعاء القديمة وما يقع جنوبا عند الأقدمين يسمى يمنا لوقوعه على يمين الكعبة المشرفة.
ويذكر الباحث اليمني فضل النقيب أسبابا أخرى لتلك التسمية، منها أن اليمنيين من مختلف المناطق يجتمعون عند هذا الباب الأكثر شهرة من بين أبواب السور القديم فيبيعون ويشترون، وكأنه باب اليمنيين جميعا، فيما بقيت الأبواب الأخرى ذات خصوصية من نوعا ما ولا ترحب إلا بأهلها.
ويدلف من باب اليمن الآلاف يوميا إلى أسواق صنعاء القديمة المتعددة وحاراتها ومطاعمها الشعبية وحماماتها التقليدية وأجوائها التي تسمى أسواق ألف ليلة وليلة.
وتجسد الأسواق المرتبطة بباب اليمن تجليات الثقافة التقليدية اليمنية من أزياء شعبية وصناعات حرفية من سيوف وخناجر وحلي شعبية مصنعة من الفضة والعقيق والأحجار الكريمة.
كما أن باب اليمن ليس مجرد مصاريع خشبية ضخمة على سور المدينة لكنه بناء متكامل يضم مجموعة من الغرف والدهاليز والأسطح التي كان يستغلها عمال الحراسة في الماضي كسكن وأبراج للمراقبة.
وتحولت تلك الغرف اليوم إلى مركز للمعلومات حول تاريخ المدينة القديمة ومعرض دائم للفنون التشكيلية ومن على سطحها يطل السياح لمشاهدة امتدادات المدينة والوقوف على أبرز معالمها.